سلسلة مش كثير إلها معنى #1 : كن انت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم

مرحبا في سلسلة مش كثير إلها معنى, طبعا السلسلة إلها معنى و لكن الكلمة المستترة هي “جُمل”, “سلسلة جمل مش كثير إلها معنى” طويل كثير لذلك قررت إختصاره إلى “سلسلة مش كثير إلها معنى”.

أتوقع العنوان واضح, سأتناول بعض الجمل التي نسمعها كثيرا في محادثاتنا اليومية لدرجة أصبحت تٌستقبل من المستمع كمسلمة بدون النظر الى معناها الحقيقي أو هل لها معنى في الأصل؟ و بإنعدام المعنى لا أعني جمل مكونة من كلمات غريبة أو أصوات تبدو كجملة و لكن لا معنى لها مثل ” بابدتي بابدتي دوبتي دو” . بإنعدام المعنى أعني سقوط المعنى الذي أصبح ضمنيا يفهم و مرادفا للجملة أينما ذكرت. طبيعة الجمل التي سأطرحها ستتنوع من إقتباسات أو أمثال إلى تعبيرات شائعة أو كلمات, الهدف من السلسلة هو أن أتمكن أنا و إياك عزيزي القارئ من تدريب أذاننا لتكون حساسة أكثر لما يقال لها. و بالأذن أقصد العقل.

كن انت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم

القائل لهذه المقولة الشهيرة هو الشهير مهاتما غاندي, رجل غني عن التعريف. في سياقنا هذا لا حاجة للعودة للسياق الذي ذكرت فيه الجملة, المشكلة هو المعنى المتضمن و الذي نفهمه عندما نسمع هذا الكلام بشكل عام. و بالطبع هذا الإجتثاث من السياق يتناسب مع السياق لهذه السلسلة و لا يتحمل الخطأ الممكن حدوثه في العادة عند قطع أجزاء من الحديث عن الأصل.

قبل أشهر كنت مع بعض الأصدقاء و كنا نحتسي الكوكتيلات, عندما أفرغت كأسي, رميته على قارعة الطريق مع كوم قمامة تكوم من الضرورة, ضرورة الكسل لأهل الحي إذ أن الحاوية كانت تقبع في نهاية الشارع الذي كنا نتسكع فيه, صديقي لم يعجبه ذلك و أراد أن يأخذه إلى الحاوية, و أحرجني حزمه و أسرعت لالتقاط الكأس قبله, ثم رافقني لنصل وجهتنا القذرة بنية نظيفة, و قال لي بأنه يريد أن يبدأ بالتغيير بنفسه. بإختصار, كان هو التغيير الذي أراد أن يراه في العالم. و على الرغم من نبل هدفه, إلا أنني صارحته بأن هذه الفكرة تفشل في وجه أي امتحان للواقع.

و حتى لا يكون كلامي دون قيمة, لننظر و بسرعة إلى حقيقتين بسيطيتين يمكن من خلالهما ردم هذه المقولة, و الإعتذار من صديقنا العاري غاندي.

الحقيقة الأولى هي هدم هذا المبدأ لنفسه إذا آمن فيه عدد كافي من الناس. إذا أحب الشخص ب أن يتغير العالم إلى عالم طماع, و أحب الشخص أ أن يتغير العالم إلى عالم كريم. و تقابلا, و استغل الطماع كرم الكريم, ما هي المحصلة و أثرها على العالم؟ و أرجو عدم النظر إلى خصوصية المثال بتمحيص يغبش الرؤية للصورة الكاملة, يمكن أن تضرب أي مثال عن مجموعة من الأشخاص يتصرفون بالطريقة التي يريدون أن يتصرف الاخرون فيها, و تخيل مجموعة تتصرف بطريقة مغايرة, ما هو الفيصل إذا؟ و من سيقتدي بمن؟

طبعا هذا النقد ينجح لنقض المعنى الذي أراده صديقي, و الذي يضيف ما نظن أنه التكملة الطبيعية لجملة “كن التغيير الذي تريد أن تراه في العالم” و هو “حتى ترى التغيير في العالم”

 

و هنا ننتقل إلى الحقيقة الثانية, إذا أنكرت هذه الإضافة, أصبحت المقولة نوعا ما مبتورة, ما معنى أن تكون التغيير الذي تريد أن تراه؟ إذا كنت أصلا تتصرف بطريقة معينة و لم تسمع بهذه المقولة من قبل, و من ثم جاء شخص حكيم و قالها لك لأول مرة في حياتك, و  بحكم معرفتك لحكمته أخذت المقولة بجدية, ما الذي سيتغير في تصرفك فعليا؟ فلنفترض أنني أريد عالما مسالما, هل سأكون قبل مجيء الحكيم رجلا عنيفا و أتوب لله فور سماعي لهذه المقولة؟ ما الذي كان في بالي حين كنت عنيفا إذا كنت أريد عالما مسالما؟ المقولة باتت برأيي مجوفة من أي معنى عدا المعنى المثالي المعتمد على تفسير طفولي و إضافة مستترة. التغيير الذي يريده أي شخص, إن كان في ذاته فإنه فقط يحتاج للعزيمة, و إن كان للعالم فهو قد انتهى من مرحلة التغيير في نفسه, و بالتالي التغيير لن يحدث إن لم تحاول نقل الفكرة أو فرض الفكرة للاخر أو على الاخر. و كلمة “تراه” هي التي تلمح للإضافة التي اقترحتها, و أخيرا إذا كنت التغيير الذي أردت أن تراه و لكنك لم تراه بعد تجسيدك له, هل فشلت في تغيير العالم؟ ما فعلته هو أقل من الفشل, انت لم تبذل جهدا يسمى حتى يسمى إنعدام النتيجة فشلا.

mahatma scofield

مهاتما سكوفيلد

و بهذا نكون انتهينا من أول جملة مش كثير إلها معنى. في المرة القادمة التي يحاول صديقك أن يرمي القمامة في مكانها المخصص, اتركه يفعل ذلك لوحده, لتعلمه درسا في العالم الواقعي الذي يشبه كومة القمامة التي وجدت للضرورة. ضرورة الكسل!

و شكرا.

العبودية المختارة

بعد ترجمة دفاع سقراط و الإعجاب الكبير الي تلقته الترجمة (مش كثير إعجاب, و مش كثير كبير) قررت أترجم إحدى أقوى المقالات ضد الظلم و التي مع إنها بعيد خمسمية سنة عنا, إلا أنها قد وصفت الظالمين بالكثير من الدقة و أعطت من الأمثلة الكافية عن نظرة مميزة للظلم تكاد تكون قد كتبت قبل خمس دقائق. المقالة باسم “العبودية المختارة” و كاتبها إتيان دي لا بواتي, فيها من مبادئ كالجرأة في إتخاذ المسؤولية كفرد و معرفة أن الظالم لا يستطيع أن يستمر بالظلم بدون شعب خانع و زمرة فاسدين, و أن الطبيعة الي خلقها ربنا فينا في الأصل تدعو للحرية و لكن يتم تشويهها لتقبل حالة العبودية المقززة. لو بدي أهدي الترجمة هاي لأي شخص بكون للشعب المصري بصراحة, ضمن كل الشعوب العربية المظلومة. إذا حاب تقرأ النسخ الأصلية هاي رابطين:

الإنجليزي http://www.constitution.org/la_boetie/sbc.htm

العربي https://www.goodreads.com/ebooks/download/7750658

و اخر اشي قبل ما تبدأ, بجوز القراءة تكون مملة للبعض إذا شافو الإشي طويل, و لذلك أخذت الحرية ( الي إتيان حكالي عنها) بإني أقسم المقالة إلى أربع أجزاء خفاف جدا. المقالة هاي برأيي مهمة جدا جدا التفكر فيها أو على الأقل قراءتها بسرعة. و إن شاء الله ما أكون قللت من أهميتها بالأسلوب البسيط للغة الترجمة الي استخدمتها, لو بدي أخلط أسلوبي في الترجمة مع العنوان, بكون العنوان الجديد “خزات بكيفهم”.

 

 

 

العبودية المختارة

إتيان دي لا بواتي

مقالة مكتوبة حوالين 1548

” ما بداناش أكثر من زعيم, مش مليح,

خلي واحد, بس واحد يكون الزعيم و الملك”

 

و هاظا الي قالو يوليسيوس, على ذمة هومر. لو يوليسيوس بكل بساطة قال “يكون في عندك كمشة أسياد مش نايس”. كان كلامه زينة العقل. و كمل و حكالنا كيف حُكم مجموعة من الناس اكيد مش مليح. السبب هو إنك إذا بتنادي أي واحد “سيدي”, حتى لو إنو شخص واحد, غير يقلب نفسية و يتعنطز عسماك بس عشنك أعطيته اللقب. بس يوليسيوس نزعها و حكالنا العكس “خليه واحد, بس واحد, يكون الزعيم و الملك”

يوليسيوس معذور عشنو زت هالكلمة بوقت كان أي عصيان بالعسكرية بروح طمم. و الوظع واظح أثر عليه أكثر من الحقيقة الموضوعية. الحقيقة البسيطة إنو تكون تحت إيدين سيد دايما عندو القوة يكون خام و مستحيل تعتمد على إنو يصير مليح فهاظ بعبوص كبير. و بكون أكبر لو الي حاكمك مش بس واحد. بس موضوعي مش السؤال الي كثير ناس بتعلك فيه, هل أنظمة الحكم الثانية أحسن من الحكم الملكي. ( و إذا بدك الصحيح, الحكم الملكي ممكن تجادل إذا إنو أصلا حكم سياسي, كيف بدو يكون في سياسة إذا كل إشي بإيدين شخص واحد) بس هالسؤال خنحطو عجنب لوقت ثاتي, السولافة بدها قعدة و بجوز تفتح كل موضوع سياسي ممكن ينفتح.

هدفي الوحيد هسا افهم كيف ممكن عدد ضخم من الناس, المدن, الدول و حتى أمم يسمحو لزلمة واحد يتفرعن عليهم, الزلمة مالوش أي قوة عدا الي همه بعطوه. و بقدرش يإذيهم غير إذا سمحولو و تحملو الأذى, أو يغلط بحقهم و بدل ما يوقفو بوجهه بتحملو الغلط بحقهم. الشغلة مش سهلة – و مع ذلك, المسألة بتسبب الكثير من الحزن و القليل من الإستغراب – إنك تشوف مليون شخص  خانعين عالأخر, و رقابهم مربوطة بالنير < الخشبة المعترضة فوق عنق الثور أو عنقي ثورين > و بهالحالة مش عشنو لازم يخضعو لقوة كبيرة, بس يبدو إنو اسم شخص واحد الو كل هالتأثير عليهم, الشخص فش داعي يهابوه (بما إنو شخص وحيد) ولا يحبو (بما إنو بتمقطع فيهم)

أوقات, منلاقي حالنا بموقف ضعف, و مابيش أي خيار عدا الخضوع للقوة. بكونش طالع بإيدنا إشي, و لازم نستنى الوقت المناسب, و مش لازم نستغرب إذا الحكي نفسو كان بدولة, لما تكون الدولة داقة بحالها و تلاقي إنه لازم تخدم حاكم واحد (زي الأثينيين لما حكمهم الطواغيت الثلاثين) و لكن لازم نستنكر هاي الخزخزة بهيك موقف, أو بجوز مش لازم نستغرب ولا نستنكر. و لكن نتحمل القلعطة بصبر, و نستنا الحظ يحالفنا في المستقبل.

الطبيعة البشرية بطبيعتها بتعتمد بشكل كبير على واجبات الصداقة, الطبيعي هو حبنا للفضيلة, و منحترم الأفعال النبيلة. و بس واحد يخدمنا منكون ممنونينلو, وممكن نقلل من راحتنا عشان نخدم أو نريح الي بنحبو والي بستحق حبنا. و عليه, ممكن شعب أمة كاملة يعرفو إنو زلمة خدمهم و حماهم بنظرة مستقبلية, أو حماهم بشجاعة, أو دار بالو عليهم. و من المعقول يكونو تابعين إلو, و يثقوا فيه و يعطو سلطة عليهم. بس ما ظنيت إنها حركة مزبوطة, عشنو عمبشيلو من موقع كان بعمل إشي مفيد و بحطوه بمكان ممكن يخرب بيتهم. و لكن مش اشي عاطل إنو الناس ما خافو إنهم ينأذو من شخص ما شافو منو إلا الخير.

 

بس يا رباه, إيش هااظ؟ شو الكلمات الي بدها توصف هالتخبيص, هالتعريص! لما خدمة من عدد هائل من الناس بتتضمحل لخزخزة, الحكومة بتقلب طاغية, و الناس ببطل في إشي بقدرو يحكو إنو إلهم. لا أباتم ولا أماتم, و لا ولادهم ولا حياتاتم! و بصيرو فريسة للنهب, لشهوة و لئمنة, مش من جيش, ولا شلة زعران. بس من زلمة واحد! وهل هو هرقل ولا شمشون؟ لاا, هو زلمة خول, و الأغلب يكون أجبن و أخنث في البلاد. بتلاقيه عمرو ما دق بهوشة أو فزع لحدا. و بتلاقيه بمونش عحدا بإشي لأنو مخصي و مرته مخاوية عليه.  بس هل يعني هالحكي إنو نوصف كل الشعب جبناء و خويفين؟ تخيل لو في اثنين, ثلاث أو أقولك أربعة و مش قادرين يحمو حالهم من واحد. إشي غريب. بس ممكن. و ممكن نوصفهم بالجبن, بس لما يكون في مية ولا ألف شخص مستعدين يتحملو قرف واحد,أكيد مش صعب إنهم يواجهو, بس بدهمش. و حالهم مش جبن, بس حالة من اللامبالاة و الإزدراء؟ إذا مش بس مية أو ألف شخص, مية بلدة و ألف مدينة و مليون شخص و مش قادرين يتحدو شخص واحد ( و هالواحد قد ما يكون مليح معهم, بظلو يعتبرو خزات أو شغيلة عندو) شو بدنا نسميها هاي؟ جبن؟ هسا كل إشي الو حدو, اثنين ممكن يخافو من واحد, عشرة ممكن يجوبنو. بس إذا ألف أو مليون زلمة. ألف مدينة مش قادرين يدافعو عن حالهم ضد واحد, هاي مش جبن, مستحيل الجبن يوصل هاي المرحلة, ولا الشجاعة مستحيل تخلي شخص واحد يهجم على حصن و يتشعبط عليه و يدق بجيش و يحتل المملكة. إذن شو بدنا نسمي السولافة هاي؟ الخطأ هاظ حتى الجبن بكون إطراء بالنسبة إلو, لأنو القلعطة هاي ما في كلمة توصف انحطاط الحالة, الطبيعة نفسها بتعترفش إنو خلقتها و اللسان بقدرش يسميها؟

تخيل لو في جيشين من خمسين ألف مقاتل بدهم يلحمو بعض, جيش فيو ناس أحرار و بدهم يظلو أحرار, و الثانيين بدهم يسلبوهم حريتهم, بس يبلش الجد, مين فكرك بفوز؟ مين بخش بقلب أقوى؟ الناس الي بفوزو حريتهم و بحافظو عليها مقابل فوزهم, ولا الي بربحو استعباد ناس و أخذ حريتهم منهم؟ الجيش الأول ببالو الوضع المليح الي عايش فيه و الأمل إنو تظل الأمور مليحة بالمستقبل, أكيد بالهم مش رح يكون مشغول بالمعركة البسيطة مقارنة بمستقبل ولادهم  و أحفادهم كأحرار. و عالسايد الثاني, في ناس بس جايين عشان الطمع, قد ما يكون الطمع واصل فيهم, غير ينخبط وقت الحزة و اللزة, قد ما يكون مولع, غير  ينطفي بأول قطرة دم منهم. تذكر كل المعارك الطقع الي صارن قبل ألفين سنة عند الإغريق, الميلتايديس, ليونايديس و ثيميستوكلس, هوش لساتها تازة بعقولنا. و عقول الكتاب, كأنهم مبارح صارو = أو حظرتلهم فيلم قبل شوي =.

هاي المعارك ضربت المثل للبشرية أجمع, و حتى للإغريق. شو رأيك أعطى الإغريق بقلة عددهم, الشجاعة الي بتفوق قوتهم و خلتهم يواجهو أسطول كبير يم حتى البحر ما تحملو, و دمرو أمم كانو عفق, لدرجو إنو جنود الإغريق نفسهم بكفوش يكونو بس جينارالات للجيش الي ضدهم؟ مش هاي أيام اللولو الي ما كانتش بس سولافة إغريق ضد الفرس, كانت فوز للحرية على العبودية, فوز الحرية على الطمع؟

غريب تسمع عن القوة الي بتعطيها الحرية للي بدافعو عنها. بس إنك تسمع عن شخص واحد بس بتمقطع بميت ألف واحد ( مع إنو هاظ الي بصير بكل مكان, بكل البلاد, كل يوم) لو إنو بس سمعنا هيك عذمة واحد بدون ما نشوفو بعينينا, منصدقه؟ لو ببلاد بعيدة و واحد أجا يقولنا هالسولافة, حدا بعقله بصدقو؟

هو ما فيش داعي تتهاوش مع الطاغية, فش داعي تغلبو, أوتوماتيكيا بخسر, بس إذا الأمة قالو هئة ! فش داعي توخذ إشي منو, بس تعطيهوش إشي. فش داعي تعمللو إشي, بس تمتنع من الأمة إنها تإذي حالها. واضح إنو الناس هم أنفسهم بخلو حالهم ينأمرو, أو بالأحرى بجيبو لحالهم البهدلة. بما إنو بكل بساطة لو يبطلو يخدمو بصيرو أحرار.بس هم أنفسهم بستعبدو حالهم, بقطعو زوارهم, و إذا تخيرو بين الخزخزة و الحرية, بتركو الحرية و بختارو الكندرة. بوافقو إنهم ينأذو أو الأصح, بدورو عالأذية لحالهم. (و هل في أي اشي أهم للإنسان إنو يملك الإشي الي أعطته إياه الطبيعة, و يكون إنسان مش حيوان). بس ما بطلب من الناس يظهرو الشجاعة;  بتوقع منهم يقبلو نوع من الأمن الدنيء مقابل مستقبل من الرضا و لكن مشكوك بتحقيقه. الفكرة هي: إذا عشان تحصل على حريتك, بكل بساطة تمناها, إرغب فيها و بس, الأمنية بتحصللك إياها, معقول أي شعب ما يتمناها؟ يتمنى يربح إشي بستاهل يهدر دمو عشانو؟ أي شخص عندو شرف بعرف إنو خسارة الحرية بتخلي الحياة متعبة و الموت مريح.

شعلة صغيرة ممكن تحرق كل الخشب الي بتصله, و تقوى مع كل إشي بتوكلو, لكن إذا بدك توقفها, فش داعي تجيب مي أصلا, ممكن ما تخليهاش توصل كمان خشب. بتطفي لحالها. و كذلك الطواغيت, كل ما سرقو, نهبو و اكلو, كل ما دمرو و خربو. كل ما تعطيهم أكثر بتصير خز أكثر. و بصيرو أقوى و أعطل, و مستعدين يحرقو الدنيا. بس لو تقطع عنهم كل اشي, لو ما تعطيهم طاعتك, بدون ما تمد إيدك أو تعصيهم. بتشلحهم من قوتهم, غير يصفو فستق فاظي, فرع لشجرة مقرقدة مش واصلها مي ولا اشي.الرجل الشجاع ما بهاب اشي ليحصل الي بدو إياه, الزلمة العاقل ما بوفر جهد. بس الخز و الكسول مش مستعدين يتحملو تعب ليوصلو الي بدهم إياه, و بالتالي لسا بعيشو على الرغبة. و الرغبة موجودة عند الكل, الشجاع و الخز, الحكيم و الغبي, و الكل حاب يوخذ الي ببسطو و بزهزه إذا أخذو. و لكن في رغبة الطبيعة –و مش عارف لويش- ما اعطتناش إياها. هي الرغبة بالحرية, مع إنو الحرية إشي رائع و عظيم ملكه, بس لما نخسره, منتعبط كل أنواع الشر,حتى الأشياء المليحة بتخسر طعمتها. لإنهم فاسدين من الخزخزة, الحرية هي الشيء الوحيد الناس ما برغبو, و الدليل على ذلك إنو لو جد بدهم, كان بحصلو عليها. بس يبدو كأنهم برفسو هالنعمة مع إنو بدهاش أي جهد.

أيتها الأمم البائسة المثيرة للشفقة,  ضيعتو عقلكو! بكل تياسة بتتمسكو بالشر و بتعمو حالكو عن الخير. بتسمحو لأحسن جزء من دخلكم ينأخذ منكم, مزارعكم تنسرق, بيوتكم تنتهب من ممتلكاتكم التاريخية و العريقة! فش إشي ممكن تعتبرو ملك إلكم, و ما عندكو مانع تستأجرو أملاكم من واحد ثاني. عائلاتكم و حياتكم. و كل الذل و البؤس مش مفروض عليكم من عدو.. أو بجوز من عدو, الزلمة الي أعطيتو القوة الي بمتلكها, و عشانو بكل شجاعة بتروحو عالحرب, و بتضحو بحياتكم بدون تردد عشان يصير أقوى.الطاغية الي إلو عينين, ذراعين و جسد واحد.و ما عندو أي اشي كل حشودكو بتفتقدو. إلا الأفضلية الي اهديتوها إلو. القوة إنو يدمركو, من وين بجيب العيون الي بتجسس عليكو فيها إذا انتو ما اعطيتو هاي العيون؟ هل بكون عندو كل هالإيدين يذربكو فيها لو ما انتو أعطيتو الإيدين؟ الإجرين الي بدعس على مدنكو فيها, من وين جابها إذا مش منكو. شو السلطة الي إلو عليكو, غير السلطة الي انتو بتعطوها إلو.كيف بسترجي يعتدي عليكو, غير إذا إنكو شركاؤه؟ إيش بطلع بإيدو؟ إنتو المستفيدين من الخيرات الي سرقها منكو هالحرامي, بتسمحولو يقتلكو, بتخونو حالكم؟  انتو بتحصدو عشان يحرق الحصاد, بتأثثو دوركو عشان يخرب بيتكو, بتربو بناتكو و بشبع فيهم شهوته. بتربو ولادكو عشان يوخذهم على حروبه و يذبحهم, أو يعملهم وزراء لطمعه و أدوات لانتقامه, بتعودو حالكو على حياة زي الخرا عشان يعيش حياة فخامة يتبعزق و يهبب. بتخلو أنفسكم ضعاف عشان  يصير أقوى و يدعس عليكم أكثر. الحيوانات مش مستعدة تتحمل الذل الي بتتحملوه. بس ممكن تحررو حالكم إذا مستعدين تعملو الي المطلوب, و المطلوب مش جهد نفسه, بس الجهد إنكم تتمنو. التصميم إنكم ما تضلو عبيد, و تصبحو أحرار! مش بقولكو تبعدوه عن طريقكم أو تسقطوه , بس تضلكوش ساندينو و خلاص خلصنا. زي عملاق كبير بس تدفشو العمود متركي عليه, من وزنه لحالو بكرفت.

بس الأطباء بحكولنا ما نبلكش بجروح مستحيل معالجتها, أني بظيع وقتي و انا بعطيكو الدرس, الشعب من فترة فقد الوعي, فقد الفهم إنو مريض. هاي لحالها بتثبت إنو الحالة مستعصية, الشعب موات.  خلينا لعاد نشرح كيف العناد بالرغبة إنكو تكونو عبيد صار عميق لدرجة إنو فكرة الحرية هي الي صارت تبدو غير طبيعية.

أولا, أظن إنو و بدون شك لو عشنا بالحقوق الي أعطتنا إياها الطبيعة و علمتنا, منكون مطيعين لأهالينا, منكون محكمين المنطق و ما منشتغلش عند حدا. بالنسبة لطاعة الأهل, الكل بعترف إنو اشي طبيعي. بالنسبة للمنطق, سولافة إنو انولدنا و العقلانية بفطرتنا أو منتعلمها هو سؤال الأكاديميين بناقشو بعمق و كل مدارس الفلسفة مفكرين فيه. بس ما أظن إني مخربط لو حكيت إنو أرواحنا فيها بذرة العقلانية و التي إذا ارتويت بعادات جيدة و تعليم جيد ممكن توصل أوج قوتها في الفضيلة. و إذا تلغمطت بالخطايا, بتختنق و بتتحطم. ولكن يجب الإعتراف إنو إذا في إشي واضح في الطبيعة و مش ممكن نغض الطرف عنو, بكون إنو الفطرة و التي هي الوزيرة لله و الحاكمة لطبائع البشر, موجودة فينا جميعا في نفس الشكل و من نفس الطينة, حتى نعرف أنفسنا كبشر و نميز بعضنا البعض كبشر, أو حتى كأخوان و نتشارك بعطاياها إلنا. ممكن تعطي البعض الأفضلية بالقوة الجسدية أو الذكاء العقلي و لكن أكيد مش بنية وضعنا في معركة ضد بعض و القوي يحكم الضعيف, تقول إنو شلة زعران متلبحين لبعض بالحمار. بالعكس لازم نأمن بإنو الفرق بالقدرات هو موجود لترك مجال من المؤاخاة و المحبة. بإعطاء المجال لنساعد بعض بالنعم الزيادة عند البعض.

و بما إنو الطبيعة حكت “خد ماما” أعطتنا كوول الكرة الأرضية نتشارك فيها كأنها دار وحدة, و صممتنا بنمط واحد لنطل عبعض و نشوف إنعكاس لأنفسنا. و  أعطتنا هدية الكلام لنتعرف أكثر و نعمق أخوتنا, و نوحد إرادتنا بمشاركة أفكارنا. و حاولت كل مرة بتقدر لتجمعنا لنعبط بعض بالأخوة و الصداقة. و ورجتنا بكل اشي بتعمله إنو مش بس بدها نتوحد و لكن نكون ككيان واحد. و فش أدنى شك انو بطبيعتنا, إحنا أحرار و رفاق. و ما حدا بتوقع الطبيعة تحط أي واحد فينا بموقف بايخ إنو يكون خز. و فش داعي نناقش إذا إنو الحرية حكم من الطبيعة, لأنو من المستحيل إنو يكون في عندك خادم طول حياته بدون ما ينغلط بحقه, و الطبيعة بعقلانيتها التامة, بتكرهش إشي أكثر من الغلط. و من المنطلق نفسه نستنتج (برأيي) أننا مولودون ليس فقط كأحرار, و لكن مع الرغبة في الدفاع عن حريتنا.

 

هسا إذا في أي شك في هاي النقطة, و وصلنا لمرحلة أقل من البشر لدرجة فقدنا حساسيتنا لأملاكنا و الرغبة الطبيعية كبشر في الحفاظ على الحرية. لعاد لازم أخاطبكو بالإحترام الي بتستحقو كحيوانات, خليني أعلمكو إيش أصلا المفروض تكونو. يا عفوك يا رب.. الحيوانات بتصرخ للبشر “عاشت الحرية” السمكة بتترك حياتها إذا طلعتها من البحر. في حيوانات عديدة مستعدة تموت إذا انمسكت, رافضين خسارة حريتهم الطبيعية. لو في ترتيب مجتمعي للحيوانات, هظول بكونو الأرستقراطيين. و الحيوانات الثانية, من الأكبر للأصغر, بقاومو الإعتقال بعنف, يم بسنانهم بمخالبهم بإيديهم بجريهم, معلنين تعلقهم بالإشي الي بنسرق منهم, و إذا انمسكو بعطو الإشارات إنو مش عاجبهم, و نرى – و عفارم عليهم- إنهم بحتضرو مش بعيشو, بزدرو حياتهم مش مبسطوين إنهم بس عايشين.الفيل إذا انحشك بزاوية و عمل كل الي بإيدو و حس إنو رح يخسر, بحط بوزو بشجرة و بكسر نيابه. لويش؟ لأنه من كثر ما هو حابب حالة الحرية الي عايش فيها صار أذكى, و صار بدو يعرض صفقة على الصيادين إنو يوخذو العاج مقابل تركه حر.

الأحصنة منحاول نهجنها من صغرها, و لكن مع كل محاولاتنا بضلو يعضو و بتفلتو, كأنه بدهم يحكولنا إنو الحياة كخادم مش حياة مختارة بالإرادة و ليست طبيعية. شو منستنتج؟

الثيران, حتى و لابسين النير غير تثور

و داخل قفصه, بظظايق العصفور

و بما إنوالحيوانات نفسها, عندها الشعور الأوتوماتيكي و الفهم الطبيعي لأنه الاستعباد شر. و الحيوانات و مع إنها معمولة لخدمة البشر, صعب تتعود على الخدمة بدون ما تقاوم, شو الكارثة الي شلت بخت طبيعة البشر, المخلوق الوحيد الي فعلا موجود ليكون حر, شو الكارثة الي خلته ينسى ذاكرة حاله و أصله و الرغبة بإنو يرجع لطبعه؟

 

                                      ******************************************************************

 

في عندك ثلاث أنواع طواغيت, الملك المنتخب, و في الي جاي بالخاوة, و الي وارثها وراثة. الي جاي بالخاوة بذكر الكل إنو محتلهم, المولود ملك أحسن شوي, بما إنو تربى برحم الطاغية, بشربو طبعهم كطواغيت مع حليب الأم, و بعاملو شعوبهم كخدم وارثينهم, و المملكة كأنها ملكه الخاص و يا بتكحتت أو بتبرطع فيها, على كيفه. و الي واصل بالإنتخاب أظني أكثر واحد ممكن ينطاق, إذا مش من اللحظة الأولى الي بحس حاله صار أعلى من الكل, شعوره بالإطراء بإشي الناس بسمو العظمة, بقرمط بالسلطة و برستك الأمور ليورث لولاده السلطة الي أعطوها إلو الناس. و الغريب إنو أول ما تخرط الفكرة بالو, بفوق كل أنواع الطواغيت بدرجة التخبيص و اللؤم, لأنهم ما بشوفو أي طريقة اخرى لينفردو بالسلطة و يعودو الناس على الخدمة و الخزخزة و لتصير فكرة الحرية غريبة لدرجة يفقدو الذاكرة الناس فيها. حتى لو الذاكرة كانت قريبة جدا. بدكم الصحيح في شوية فروقات بين الطواغيت. و لكن فش سبب لتختار بينهم, كلهم وصلو السلطة بطرق مختلفة, و لكن طرق البقاء في السلطة متطابقة. المنتخبين بعاملو الشعب كثيران بدها ترويض, المحتلين بعاملو الشعب كفريسة, و الورثة بعاملو الشعب كعبيد.

 

بس إفرض عرق جديد من البشر انولد اليوم, لا متعود عالخزخزة ولا عالحرية. لا بعرف معناهم و عارف شو الكلمات أصلا. و انعرض عليهم الإختيار. خدم لناس أو أحرار و بتفقو على القوانين بينهم و بين حالهم, فش ولا شك إنهم بفضلو العقلانية و الحرية على إنهم يكونو عبيد. الإستثناء, هو شعب إسرائيل و الي بدون أي ضغط أو حاجة, عملو لحالهم ملك. يا زم كل ما أقرأ تاريخهم بتظايق من هالإختيار تبعهم, كأنهم بستلذو بالمصايب الي بتوقع عراسهم من ورا هالسولافة. المهم فش شك إنو الإنسان طول ما في جزء بشري فيه, مستحيل يكون خادم غير بخاوة أو بخدعة.

بالخاوة زي لما تيجي قوة أجنبية, مثال على هالسولافة إرضاخ سبارتا و أثينا لجيوش ألكسندر, أو لما يكون في شيع, زي أثينا لما وقعت بإيدين بيسيستراتوس. الخديعة هي المسبب المتكرر لخسران الحرية, و فيها يخدع الناس أنفسهم أكثر من خداع الاخرين لهم. زي قصة سيراكيوز عاصمة صقلية لما لقو حالهم بالحرب, بس فكرو بالخطر الحالي و أعطو الجيش لزعيم واحد ديونيسيوس الأول. حركة غبية كانت و ما كانوش متخيلين درجة السلطة الي مناولينها إلو. و بس رجع منتصر مع كل هالقوة, قلب من جينيرال لملك. و من ملك لطاغية, كأنو الي غلبهم في الحرب مش العدو, و لكن مواطنينه.

و اشي مخيف كيف الناس, أول ما يتلبسوها بنسو حريتهم بسرعة  و بشكل كأنهم مش قادرين يصحو و يرجعو يوخذوها. بصيرو عبيد باختيارهم كأنو كسبو العبودية مش خسرو حرية. مزبوط في البداية بدك قوة لتخضع الناس. و لكن فش أي تردد عند الأجيال الي بعدهم, الأشياء الي انجبرو أهاليهم عليها بعملوها و همه بضحكو و بلعبو. الناس المولودين بزنازين و متعلمين العبودية بقدروش ينظرو لأبعد منها. راضيين بالحال الي انولدو عليه. بدون ملكية أو مستحقات, مفكرين إنو هاظ الإشي طبيعي. و مع ذلك بتشوفش وريث لامبالي أو متهور لدرجة إنو ما يشيك كل ممتلكات أبوه عشان يتأكد إنو ما راح عليه إشي. و لكن العادات, و التي إلها أثر خرافي على كل تصرفاتنا, قوية جدا بتعليمنا نكون عبيد. و نبلع سم العبودية بدون ما نحس بمرارة الطعم, زي ما ميرثريداتيس حكو إنو متعود على شرب السم. طبيعتنا كمان إلها التأثير علينا و لكن أضعف من تأثير العادات و التقاليد, حتى لو بذرة الخير بطبعك, بدون الظروف المناسبة, بتروح دبلكة. بينما طريقة التربية هي الي فعلا بتأثر علينا, و بتشكلنا بغض النظر عن الفطرة, بذور الفطرة صغار و بسهولة ممكن يتحطمو. و نفس الأشجار, إذا بنتركو بحالهم بنموا عادي و بطلعو الثمار, و لكن إذا طعمتهم, بصير يطلعو فواكه غريبة عليهم. و النباتات كذلك, انفرادهم بالميزات ممكن يتم تطويره أو طمسه حسب الوقت و الجو و المزارع, لدرجة ممكن تشوف نبتة متغيرة عن طبيعتها و ما بتلاقيها بمكان ثاني.

 

أي شخص شاف أهل البندقية, دولة صغيرة و لكن الحرية فيها متجلية لدرجة إنو أهمل سرسري, مش مستعد يفكر يكون ملك عليهم, الكل مولود و متغدي الطموح ليتفوقو على بعض في حفاظهم على الحرية,من المهد متربين يرفضو أي اشي دنيوي إذا مقابله بخسرو جزء من حريتهم. و بنفس الوقت, لو أي شخص راحو للمكان الي بسمو واحد فيه الزعيم, و كلهم مستعدين يضحو بحياتهم عشان هالشخص يظل في السلطة, هل ممكن تفكر إنو القومين الهم نفس الطبيعة, ولا يحس إنو طلع من مدينة بشر و دخل على قطيع غنم؟

يقال أنه ليسورغوس, المشرع للقوانين في سبارتا, ربا كلبين أخوين راضعين من نفس الأم, واحد مخليه يوكل من المطبخ و الثاني متعود على الصيد. و كان بدو يعلم السبارتاوية إيش الترباية بتفرق, و حط الكلبين بساحة عامة, و حط صحنين, مرقة و أرنب. كلب راح على المرقة و الثاني على الأرنب. و قاللهم “مع إنهم إخوان”. و بعدها بحكمه و سن القوانين, علم الشعب إنه يفضل ألف موته ولا إنو يكون عبد لأي سيد غير المنطق أو القانون.

 

من القصص المسلية هي قصة لحوار دار بين أحد رسل الملك الفارسي زيركسيس و اثنين من سبارتا. هاظ يا سيدي العزيز لما زيركسيس بقى يلم جيش جرار ليلعن شرف الإغريق, بعث سفراء للدول الإغريقية ليجيبو مي و تراب و الي معناه الموافقة على تحالف معاه. بس ما بعث لأثينا و سبارتا لأنو وقت ما أبوه داريوس بعثلهم سفرا, زتوهم بحفر و بيار, و قالولهم إنو هاي الأماكن الي بقدرو يجيبو منها تراب و مي ليودو لملكهم. كانو دول مش مستعدين حتى يسمعو إشي يمس كرامتهم. بس عرفو إنو الحركة البايخة هاي تعصب الألهة, خصوصا تالثيبيوس,  إله المراسلين. و عشان يصالحو أربابهم بعثو اثنين منهم لزيركسيس, و يوصلولو الرسالة إنو بطلعلو يتصرف فيهم زي ما بدو, و هيك بكونو دفعو دية للسفراء الي شعتلوهوم. الاثنين الي تطوعو ليروحو كانو سبيرتوس و بيوليس, و عالطريق وصلو مكان فيه واحد اسمو هيدارنيس, زلمة زيركسيس على شواطئ أسيا. الزلمة ما قصر معهم, كرمهم و ضيفهم و بينما كانو يسولفو, سألهم عن الولدنة الي عملوها مع السفرا ” يا زم انتو السبارتاوية, بس إطلعو حواليكو و شوفو العز, شوفو البذخ الي بعطيه الملك للناس الطيبين. بس فكرو, لو يعرفكو أكثر بكرمكم بكل هالعز و بخلي كل واحد سيد لمدينة إغريقية” فردو و قالولو ” إته مش بموقف تنصحنا, إته جربت المكرمة الي بتوعدنا فيها بس مانتيش عارف العز الي إحنا عايشينو, إته بتعرف معزة ملك بس ولا بتدري عن الطعم الزاتشي للحرية, و إذا إنك ظقتو, ترا مش رح تقلنا بس ندافع برمح و درع, يم بسنانا و أظافرنا كمان” السبارتاوية ترى كانو عارفين الصح, أكيد كل واحد بعكس البيئة الي تربى فيها. و لكن مستحيل الفارسي يطارد ورا الحرية و هو عمرو مش شايفها, أو سبارتاوي يتحمل العبودية بعد ما جرب طعم الحرية.

 

لما كاتو الأوتيكاوي كان لسا قاروط بتعلم, كان كثير يزور دار الدكتاتور سولا, عشنو عيلتو إلها بريستيجها و عشنو في قرابة بين العيلتين. و كأي ولد نبيل كان معاه مدرسه الخاص. و لاحظ إنو عند سولا أو بأوامره, الناس دايما يتسخمطو, الي تنأخذ أرضه, و الي ينسجن, و الي ينعدم. واحد ينفى و واحد بدو يقطو راسو. المهم كانت الأمور واضحة, هاي مش مكان رسمي للعدل, هاي ورشة لواحد ظالم, و الولد قال لأستاذه ” هو بالله تعطيني خنجر؟ أخبيه و أطعنه و أروح أريح المدينة من قرفه” و هاي الجملة قوية من كاتو, نظرة أولى لشخصيته, و لكن القصة بتضل مهمة لو ما جبنا سيرة الأسماء, من السهل تتوقع إنو بطل القصة انولد بروما لما بقت روما حرة.

إيش الي بحاول أوصلو؟ أكيد مش إنو الجنسية و مسقط رأس بحدد كل إشي, العبودية مرة و الحرية زاكية. الي بدي أقولو هو إنو لازم الواحد يشفق على الناس المولودين و قاعد بنحرث عليهم. نعذرهم أو نسامحهم إذا إنو عمرهم ما شافو حرية و لا عارفين إذا إنو في اشي اسمو هيك. و مش حاسين عالظلم الي همه عايشين فيه. تخيل لو في مدينة زي ما هومر بقول الكيميريي عاش فيها, الشمس بتشرق ست أشهر, و بتغيب كمان ستة. إذا واحد انولد بالعتمة, هل غريب إنو ما يرغب بشوفة الضو أصلا؟ مستحيل نحن للشيء الي ما منعرفوش,الندم بس بيجي بعد انبساط, و الذكريات لأمور جميلة قديمة مصحوبة بمعرفة الشر الحالي. طبيعة الإنسان يكون حر, و لكن أيضا طبيعته إنو بوخد الحياة الي تربى عليها.

خنقول إنو الأشياء الإنسان بربى عليها, بتعود عليها و بحسها طبيعية. و المناسب هو إيش طبيعته بتدفعه ليعمله. و بالتالي التفسير الأول للعبودية المختارة هو العادات و التقاليد. الأحصنة أول مرة بتعض و بتحاول توقعك, بس بتعودها بتصير تتفصحن بالأواعي الي بتحطها عليها. البشر ممكن يقولو إنهم دائما كانو تابعين للملك, و جدودهم عاشو زي هيك. بتخيلو إنو من المفروض يتحملو الشر هاظ, و بقنعو حالهم بالأمثلة, و بجادلو إنو الي ظالمهم بطلعلو عشنو من زمان الأمور زي هيك. في حقيقة الأمر, الوقت لا يجعل من الخطأ صح, فقط يزيد من الجرح. و دائما هنالك أشخاص أنبل من غيرهم, لا يقبلون بالنير و لا يستطيعون إلا هزه للتخلص منه. ولن يستكينو لدرجة قبول الظلم. هؤلاء الأشخاص, كيوليسيوس ( و الذي أبقى نصب عينيه الدخان من كوخه البسيط أثناء جميع رحله) يبقى دائما على علم للمزايا التي تمنحه إياها الطبيعة, و الذين يعرفون أصلهم و الطبيعة الحقيقية لأجدادهم. هؤلاء الأشخاص دائما يمتلكون عقلا صافيا و روحا ريادية. ولا يطأطئون رؤوسهم و يحددون نظرهم لأقدامهم كما يفعل البشر العاديون. و لكنهم ينظرون الى الخلف و الأمام, يذكرون الماضي للحكم على الحاضر و معرفة الدرب الصحيح للمستقبل. هؤلاء الأشخاص بعقولهم الصحوة, والتي شحذت بالدراسة و المعرفة: حتى و إن مُسِحت الحرية عن وجه الكرة الأرضية, سيرونها رؤية العين في عقولهم, و سيشعرون بها, و يستلذون بها, و لن يستطعمو بالعبودية مهما تزينت.

 

                                      ******************************************************************

 

سلطان تركيا كان عارف إنو الكتب و القراية بتساعد الناس يفهمو أمثالهم الي بحاربو و بقاومو الظلم أكثر من أي إشي ثاني, من الي بعرفو ما كان في كثير متعلمين ببلاده, و ما كان عندو رغبة يكون في متعلمين أصلا. بالعادة, الأشخاص المتفانيين للحرية بغض النظر عن زمانهم مش رح يقدرو يعرفو بعض, و بالتالي تفانيهم للحرية بتضل غير مؤثرة قد ما يكونو. بحكم الظالم, مالهومش الحرية يتصرفوا, يعبروا أو حتى يفكروا, و هيك كل الناس الي حاملين هالفكر غير يكونو متفرقين. و موموس, إله السخرية  ما كانش مخربط لما شاف إنو الإنسان الي عملو فولكان كان فيو اشي غلط. عشنو ما حط شباك عند قلبه حتى تكون أفكاره واضحة. و لما بروتوس, كاسيوس و كاسكا كانو ناوين يخلصو روما من الظلم – أو حتى العالم كلو- ما كان بدهم سيسيرو معهم, مع إنو كان بهمو مصلحة الشعب بكل ما تعنيه الكلمة, بس اعتبرو إنو ما عندهوش الشجاعة الكافية لعمل الإشي النبيل مع إنو عارفين نيته الصافية. التاريخ بعطينا درس واضح, لما يكون في أشخاص شايفين بلادهم تحكم بطريقة خاطئة و سعوا لتزبيط الأمور بنية صادقة و فشلو, الحرية نفسها بتمد لهم يد المساعدة, هارموديوس, أريستوجيتون, ثراسيبولوس, بروتوس, فاليريوس و ديون كلهم كانو بعقلية شجاعة, و انتصرو بتحقيق أهدافهم. الحظ ما بفشلهم, بروتوس و كاسيوس كانو ناجحين بإزالة العبودية, و لكن إعادة الحرية كلفتهم حياتهم. و من الغلط تقول إنهم ماتو بسوء الخاتمة (من التخبيص إنك تجيب سيرة أي جزء من حياتهم بالسوء)  و موتهم جاب معاه أذى للدولة, المحاولات الاخرى ضد الإمبراطور كانت كلها مؤامرت لناس طموحين للسلطة و محاولاتهم كانت فقط لتبديل الظالم, و ليست لإزالة الظلم. و لذلك من الجيد فشلهم, الله لا يردهم, و مبسوط إنو ما قدرو يستغلو الحرية لأهدافهم البايخة.

بس بما إني شتيت عالموضوع خلنا نرجعلو, السبب الأول من كون الناس راضين بالعبودية هو أنهم انولدو على هالواقع, و مما يؤدي للسبب الثاني, تحت الظلم الزلم بصيرو جبناء و مخنثين. أنا جدا بحترم أبقراط, الأب الرائع للطب, صاحب كتاب “عن المرض”. هاظ الزلمة كاين قلبو بالمكان الصح, لما ملك الفرس حاول يشتريه بوعود عن الهدايا, رد عليه برسالة قوية, شعوره بالذنب لو عالج البربرية الي بدهم يقتلو الإغريقيين و لو استخدم صنعته لخدمة الملك الي بدو يخضع الإغريق للعبودية. الرسالة محفوظة زي مجموعة من كتاباته, و غير تضل شاهدة على على قلبه العظيم و طبيعته النبيلة. هسا من الأكيد إنو لما تروح الحرية, بتروح معها الشجاعة. العبيد للملك ما إلهم جلد عالحرب أو المشقة, بواجهو الخطورة و العبودية بروح شاحبة و متثاقلة و كأنو غصبن عنهم, و ما بحسو بأي نوع من عشق الحرية, العشق الي بجعل الناس حتى بمواجهة الخطر يسعو لأعمال الشجاعة و يموتو موتة أبطال, و يرغبو بمساعدة بعض للمصلحة العامة, ليخدمو الاخرين و أنفسهم أيضا. و بتوقعو إنو الشر الواقع عليهم لازم يتحملوه مع بعض إذا خسرو أو يحصدوا النجاح مع بعض إذا انتصروا. و لكن العبيد مش بس بخسرو الشجاعة بالحرب, و لكن  الحيوية في كل الأشياء الثانية, أنفسهم دنية و مش قادرة على أعمال عظيمة, الظالمين عارفين هالحكي, و بس يشوفو الشعب بتوجه لهالحالة, بساعدوهم لإطالة هاي الحالة من السبات.

زينوفون, أحد المؤرخين المهمين للإغريق, كتب كتاب فيو عن هييرو, ظالم سيرياكيوز و هو بتحدث عن مساوئ الي بعيشها الظالم. الكتاب فيه الكثير من التحذيرات المهمة, و موضحة بأحسن طريقة ممكنة, يبي لو إنو كل الظلمة يدرسو الكتاب و يستخدمو كمرآة لأنفسهم. أكيد غير يشوفو قرفهم و يحسو بالذنب على أعمالهم المقلعطة, زينوفون بهالكتاب وضح مشكلة الظلمة بأنها الخوف من كل الناس لإنهم سيئين معهم كلهم. ضمن مشاكل اخرى, وضح كيف الحكام السيئين لازم يستخدمو مرتزقة لأنهم ما بسترجو يحطو سلاح بإيدين شعوبهم الي ظالمينها و الناس الي أذوهم (و لكن في بعض الملوك الجيدين زي الفرنسيين الي بضطرو يجيبو مرتزقة و لكن لسبب اخر, و هو الدفاع عن شعوبهم. السيسيبو أفريكانوس العظيم, أتوقع الي قال إنو بفضل ينقذ مواطن و احد على إنو يقتل مئة من أعداءه) و  لكن الظالم مستحيل يعتبر حاله بأمان غير لما يوصل مرحلة ما في أي شخص شجاع تحت حكمه. و ممكن ينرد عليه مثل ما ثراسو بسمرحية تيرينس حكا لمدرب الفيلة:

بالحكم انت مفكر حالك فهمان

ماشي بتقدر تحكم حيوان, بس مستحيل تحكم إنسان

والحركة تبعت الظالمين لما يخلو شعبهم زي الحيوانات ممكن أحسن طريقة نشرحها بقصة سايروس و الليدياناوية, بعد ما قبظ مدينتهم الرئيسية و حبس حاكمهم المقرش, كرويسوس. وصلتو أخبار عن ثورة من السرادنة, و مع إنو كان بقدر يبهدلهم بس ما كانش حاب يخرب مدينتهم ولا يضظر يترك جزء من الجيش يحميها, عمل سولافة حدقة عشان بحكم قبضته عالمدينة: عمل كرخانات و بارات و مهرجانات و خلا القوانين إنو الكل يروح عليهم. الفكرة زبطت و ما اضطر يرفع سيفه ضد الليدياناوية من يومها. و همه الحزينين صارت حياتهم كلها لعب و أفنو حياتهم عشان هالسوالف و الروم أخذو منهم الألعاب بالكلام. الي هسا منسميه تضيع وقت, الروم كانو يسمو “لودي” نسبة إلى ليديا مدينتهم. و مش كل الطغاة بعلنو عن نيتهم عمل الناس سخيفين و لكن النية موجودة عند أغلبهم, و أكيد بتبعوا سياسة من تحت لتحت تشبه الي عملو الزلمة هاظ بالعلن.

الحقيقة إنو العوام من الناس والي بشكلو أغلبية المواطنين في الدول, بشكو بالزلمة الي بحبهم, و بكونو ساذجين مع الزلمة الي بخدعهم, فش عصفور بتخورفش, فش سمكة بتوكل الطعم أسرع من هيك, شعوب برمتها بتخضع لمداهنة العبودية أول ما تنعمل عليهم أي خدعة, اشي رهيب السرعة الي بوكلو المقلب فيها, بس بدك مين يظحك عليهم. مسرحيات, ألعاب, سوالف طرمة, محاربين, حيوانات غريبة, مداليات و أي مخدر زي هالسوالف كان الطعم الي أكلوها الأمم السابقة, هاي الأشياء الي باعو حريتتم مقابلها, هاي كانت أدوات الطاغية. الطرق و الإجراءات و المزينات الي كانو الطغاة القدام ينيمو الشعوب فيها, يحطو عرقابهم النير, و عليه هؤلاء الأشخاص بعباطتهم ينبسطو و يهيصو على الحكي الفاضي, و مع التسلاية قدام عيونهم تعودو على العبودية: بعباطتهم كولاد صغار الي بعرفوش يقرأو غير الكتب الملونة و الي فيها رسمات, بس عباطتهم مش مرفوع عنها القلم.

 

الطغاة الرومان كان عندهم خدعة ثانية, إحتفالات صاخبة لعشر أيام. الناس كانو بترجو إنهم يسُتغلو بهالطريقة, عشنهم ما بنبسطو بإشي أكثر من شرههم. الأذكى و الأحدق بينهم مش مستعد يرفض صحن شوربة مكرمة حتى لو وقفت عليها الحرية الي حكا عنها أفلاطون في الجمهورية. الطغاة كانو يوزعو حفنة قمح, ربعية و أكم قرش. و دغري بتلاقي الطفرانين بصرخو “عاش الملك!”. التيوس هظول مش فاهمين إنو قاعدين بوخذو الي إلهم أصلا, الظالم مش جايب إشي من جيبتو و بدونهم ما بقدر يعطيهم إشي. و نفس الزلمة الي بنبسط و بتلاقي طربان و بغني لتابيريوس و نيرو و بمدح كرمهم  ثاني يوم خاوة عنه بدو يرجع يدفع المصاري لإشباع طمعهم, و يتخلى عن ولادو عشان شرههم  و يتخلى عن دمو للئامتهم- و بضل منشب زي حجر, بتحركش, زي جذع الشجر.

الناس دايما زي هيك: هبايل و نور لما تيجيهم لذة لازم يرفضوها. هسا بس نيرو تنجاب سيرتو, الكل بخف عقله بس من اسمه, من هالنمرة الزفت, و لكن الي صار جد بعد ما هالزلمة –هالسفاح, هالكندرة –مات (موته خرائية زي حياته) النبلاء و الناس الهاي هاي بروما تحسرو عالألعاب و الولائم الي كانت تنعمل لدرجة إنهم بدهم ينحبو كمان شوي. هالحقيقة مسجلها كورنيليوس تاسيتوس, زلمة مليح و غانم و ثقة بالرواية. و هالشغلة مش مفاجئة لأي حدا, لما تتذكر كيف الرومان قبلها تصرفو بعد ما مات يوليوس قيصر, و الي مسح الحرية و القانون, و الي بالنسبة الي كان شخص ما الو أي قيمة (تسامحو الي كثير بنمدح عليه, كان مؤذي أكثر من لئامة أي طاغية عاش, لأنه هالتساهل المسموم كان سكر على العبودية عشان الناس تستسهل بلعها) و بعد ما مات, الرومان لسا حناكهم بتسولف عن ولائمه, و عقولهم فيها ذكريات تازة عن بعزقته, و عملولو عزا ضخم و كراسي كانت ملانة قدام الحريق الكبير المعمول للعزا. و نصبولو عامود مكتوب علبه “إهداء من أهالي روما إلى أب الأمة” و أعطو شرف و هو ميت أكثر من أي شرف لازم ينعطى لأي واحد عايش أصلا –بجوز الوحيدين الي جد بستحقو الشرف همه الي قتلوه.

في إشي ثاني الإمبراطورجية الرومانيين ما نسيو, كثير منهم سموا حالهم “مدافع الشعب”. عملو هالإشي عشنو الدور هاظ كان مقدس و مهم, و لأنو الدور كان لحماية الشعب. و بهالطريقة استغلو دستور عشان يخلو الناس يثقو فيهم. توقعو من الناس يركزو عاللقب و ما ينتبهو للأفعال الي بتناقض اللقب. هالأيام في ناس أحسن شوي: حركاتهم العدوانية و بالزبط الثقيلة منها بربطوها بترقيعة للخدمة و تحسين مستوى الناس, و الوصفة معروفة, ممكن تنطبخ بالعقل, بس وقاحتهم فيهاش إشي بنعمل بالعقل فيها.

 

ملوك أشورا و بعدها ملوك ميديا, كانو يأخرو ظهورهم عالناس كثيير لحد ما الناس ما يصيرو يشكو إذا إنهم نوعا ما أحسن من البشر العاديين, و خلوا هالوهم بنفس الشعب. (لأنه الناس إذا ما كان في دليل, بصيرو يشطحو بخيالهم). و بعدها كل الأمم الي احتلتها أشورا صارت العبودية عندهم عادة مع هالوهم, بما إنهم مش شايفين الملك عليهم, أو حتى إذا في ملك أصلا, صار سهل جدا استعبادهم. بقوة الإشاعات كلهم صارو يخافو من واحد أصلا مش شايفينو. الملوك الأوائل في مصر كانو لما يطلعو عالملأ دايما يعملو حركة, يشيلو بسة أو غصن أو يولعو نار فوق راسهم. هالتشكيل بغرابته كان يخلي الناس يهابوهم أو ينبهرو فيهم, لو إنهم ما كانوش أغبيا و بسيطين, كان ببساطة فرطو ضحك على هالحركات. إشي بحزن ترا لما تسمع عن الحركات البايخة الي كانو من وراها يثبتو حالهم كطغاة, من أول الزمن, لقو إنو الناس لحالهم بخترعو الطريقة الي بدهم إياهم فيها, جاهزين ليوقعو بأتفه فخ, دايما مشاطيب لدرجة إنو أفضل طريقة لإستعبادهم هو بخورفتهم.

و شو رأيك بهالخدعة الي أخذوها بسهولة الأمم قديمة, تقول إنو أخذو الخدعة كأنهم بوخذو مصاري؟ كانو يم مأمنين إنو اصبع إجر بايروس, ملك إبيروتيس, كان يعمل معجزات و يعالج الناس من مرض الطحال. و كبروا القصة إنو لما مات و انحرقت الجثة, الأصبع ما صارلوش إشي. هيك دايما بتبلش هالعرطات, واحد غبي بعك  و الناس بتصدقه. المؤرخين الي نقلو القصة وضحو إنهم جابوها من سوالف الناس و الإشاعات. فيسباسيان, و هو راجع من أشورا و مار بالأسكندريا و رايح عروما ليحاصر الإمبراطورية عمل معجزات, خلا العميان يبصرو و سوالف كبيرة. أي واحد ما كانش شايف وين الحكي الفاضي بهالقصة بنظري كان أعمى من الناس العميان الي عالجهم.

 

حتى الطغاة نفسهم استغربو كيف الناس طايقين واحد سيئ بمعاملته معهم. و كانو يستخدمو الدين ليحمو حالهم, و إذا قدرو يعكو بإشي مقدس موجود عندهم عشان يحافظو على طريقة حياتهم. و لو بدنا نصدق العرافة إلو بسولف عنها فيرجيل و هي بتوصف جهنم, سالمونيوس هسا بدفع الثمن غالي لأنه خدع الناس و قال إنو هو جوبيتر >كبير الألهة اليوناني< العرافة شافتو بتشلوط بجهنم,

 

هسا قاعد بتسخمط بالنار عشنو حاول بالعرط

يدعي إنو زي زيوس,معاه البرق و الرعد

مجرور بأربع أحصنة و شايل بإيديه

عصاة مشعللة بنار كبيرة, أباادييه

بحسبة “إيليس” بفحط بين العالم و الناس

و بتحالى قدام الإغريق بكل كبر راس

و بعجرفته و بتهوره إدعى إنو معاه

عظمة و قدرة بس بتسوى إلي سواه

مجنون, مفكر إنو قطعة البرونز الي بإيده فش فرق

بينها و بين الي مستحيل أي إنسان يعملو, الرعد و البرق

غضب الإله كان أكيد هيجي و طُب أجا بسرعة

رعد أخو أخته رقعه, و مش رعد أي كلام, إشي روعة

 

طب إذا هالزلمة و هو بس كان بمز بستاهل يتعاقب بجهنم, أتوقع في سبب أولى ليكون الناس الي بستغلو الدين للشر بجهنم كمان….

 

كُتابنا الفرنسيين عملو سولافة زي هيك, قصة الضفادع, وردة السوسن, القنينة و الشعلة الذهبية. بغض النظر عن مدى صحة السوالف هاي, أنا متردد أشكك فيهم, لأنو لا إحنا ولا أجدادنا كان في عندهم أي سبب ما يصدقوهم, و  الملوك كانو ملاح معنا وقت السلام و شجعان وقت الحروب: و لو إنهم مولودين ملوك, و لكن كأنو مش زي أي ملوك ثانيين, كأنهم مختارين من الله قبل لا ينولدو, ليحفظو و يصونو هالمملكة. و حتى لو مش هيك, ما بديش أكون واحد من الي بشككو بتاريخنا و بدققو لهالدرجة – هاي السولافة بتركها للشعراء عشان يتبارزو عليها. بالفعل رونسارد, بييف, و دو بيلاي مش بس أثرو الشعر الفرنسي, و لكن جددو كليا, و رفعو لمنزلة قريبا أتوقع بتضاهي شعر الإغريق و الروم و غير يكون الفرق الوحيد إنهم سبقونا. و بكون غلط مني إذا كنت بدي أنفي بيت الشعر الفرنسي (و كلمة بيت الشعر في كثير ناس خربوها و خلوها إشي ميكانيكي, بس مليح في ناس بعيدو إحياء روعتها و نبلها), و بكون جد غلط مني لو مسحت من الشعر القصص الحلوة عن الملك كلوفيس, و من هسا منقدر نشوف رونسارد عامل من القصة هاي قصة, و قصيدة الفرانسياد غير تكون روعة. أنا بعرف عن موهبته, ذكاؤه و الطريقة السلسة الي بعبر فيها عن حاله. غير يعمل من الشعلة الذهبية تبع كلوفيس نفس الإشي إلي عملوا الرومان بدروعهم, الدروع الي انزتتلهم من الجنة زي ما فيرجيل بقول. و غير يعمل من القنينة زي ما عملوا الأثينيين من سلة إيرتشيثونيوس, و غير يعملو شعارنا مشهور زي الزيتونة, الي يقال إنو لحد هسا بتلاقيها ببرج مينيرفا. واضح إذا إني ببالغ إذا كنت بدي أنفي تاريخنا الفرنسي و بتعدى على حارة الشعراء. بس خلنا نرجع للموضوع الي بعدت عنو نوعا ما, الطغاة دائما كانوا يطرو موقفهم مش بس بتعويد الناس على العبودية و الخزخزة, برضو بجعل خدمتهم نوع من التفاني الديني.

 

                                      ******************************************************************

 

من الواضح إنو كل الي حكيتو لهسا هو عن الطرق الي بستخدموها الطغاة عشان يخلو الناس مستعدين للخنوع فقط يمكن تطبيقه على الحشود الغير مفكرة. بس هسا وصلت النقطة إلي بنظري تعتبر مصدر القوة للطغاة, الأساس لسلطتهم. أي واحد بتخيل الطاغية محمي برماح, بحراس, بمراقبين, بنظري بكون مخربط بشدة. الطغاة بستخدمو هالسوالف بس بطريقة شكلية, و لتخويف الناس أكثر مما إنهم جد بعتبروها وسيلة آمنة و فعالة للحماية. الرماة ممكن يخردقو الناس الي أواعيهم مشرشحة و يمنعوهم من دخول القصر – و لكن هظول الناس مش من النوع الي بقلو بيضة, و الرماة بقدروش يوقفو ناس مدرعين –و الي همه الناس الي جد دواريين مشاكل. و فعلا ترى, لو حسبتها بتلاقي إنو عدد الإمبراطورجية الرومان الي نجوا من الخطر عشنو الحراس حموهم أقل بكثير من الي انقتلو عأيدين الحراس تبعونهم. الظالم ما بنحمي بالخيالة و الجنود و الأسلحة, بجوز يكون صعب تصدق بس رد علي, دايما في خمسة أو ستة حيتان بخلو الظالم بالحكم, و بخلو الدولة مستعبدة لحضرته. دايما في هظول الجماعة الي بقدرو يوشوشو الملك برأيهم, يا إما إنهم دخلو حالهم على هالدائرة أو هو جابهم ليشاركوه باللؤم, زملائه في شهوته, المساعدين على الخطايا, المشاركين في سرقاته. هظول الستة بدربو زعيمهم بكل ضمير لدرجة إنو بتعلم منهم الحقارة فوق حقارته بس من صحبتهم.و الستة تحتهم ستمية. و الستمية علاقتهم مع الستة زي علاقة الستة مع الملك, و تحت الستمية في ستمية ألف معطينهم وظائف حكومية, حكم منطقة أو التعامل مع أموال الدولة: هظول الجماعة غير يساعدو بطمعهم و لؤمهم, و يعملو المطلوب منهم أول ما ينطلب منهم. و بعملو السبعة و ذمتها بس عشان يضمنو شغلهم و حماية الروس الي أكبر منهم و ما يمسهم القانون. و تحتهم, في عندك حشد غفير من الناس, و لو تفك الخيط بتكتشف إنو رابط مش بس ستة ألاف مربوطين بطاغية,  و لكن مئات, ألاف أو ملايين. و الطاغية بستفيد من هالحبل. زي السلسلة إلي ماسكها جوبيتر على ذمة هومر , و  بتبجح إذا إنو سحبها بجيب كل الألهة لعندو. و هاي التفسير لشغايل جولويس, تطوير المدينة و عمل وظائف حكومية جديدة و مكاتب للشؤون العامة –مش زي ما بتفكر عشان الإصلاح, و لكن لنصب أعمدة ظلم جديدة.

النتيجة من كل هالخدمات و الحك لبعض هو إنو تلاقي كثير من الناس مستفيدين من الظلم عا قد ما في ناس ممكن تستفيد من الحرية. الدكاترة بحكو إنو لما الإنسان يكون مريض و ينصاب بمرض اخر, المرضين فورا بتحدوا مع بعض: و بنفس الطريقة, أول ما الملك يبين إنو ظالم, بتلاقي أشر الناس, حثالة المجتمع, الحرامية و النصابين الي حارقهم الطمع, بتلاقيهم كلهم بتحلقو حوليه عشان يوخدو حصتهم من النصبة, و يصيرو ظالمين صغار تحت الظالم الرئيسي. نفسهم الناس, إلي في الجمهورية ما بكونو بأثرو بشلن. الحرامية و القراصنة بعملو نفس الإشي, الي بسرق و الي بكشف الطريق, و الي بحط فخاخ و الي بتأكد فش شرطة, و الي بقتل و الي بضر, و مع إنو في ترتيب في مستوياتهم,الكل بستفيد بشكل ما, إذا مش من السرقة, من التخطيط. و انحكى عن قراصنة السيليكان إنهم ما كانوش كثار عشان هيك انبعث بومبي العظيم ليمسكهم, المشكلة إنهم كانو متحالفين مع كثير من المدن و الدول و في موانئهم كانو بقدرو يتخبوا بس يرجعو من سرقاتهم و قرصنتهم, و بالمقابل, المدن استفادت من السلع المسروقة.

 بهاي الطريقة الظالم بقدر يخليه الناس تستعبد بعضها, و بصير محمي بمساعدة الناس الي المفروض ينحمى ضدهم, لو إنهم ما كانوش زبالة. و مثل ما بقول المثل, تنقر الخشب بالخشب. هظول الجماعة, ملعونين و منبوذين من الناس و الرب, همه الحراس الشخصيين, الرماة و المدافعين المستخدمين من الظالم, صحيح إنهم كمان بعانو منو, بس مبسوطين و مستعدين يتحملو الأذى على أنفسهم – مش إنه ينأذى الشخص المؤذي إلهم, و لكن عادي يكونو الناس العاديين الي مثلهم برضو تحت الأذى و بدون ما يطلع بإيدهم إشي. و بالعادة بس أشوف الناس الي بحطو من قيمة حالهم بس عشان الظالم يستفيد من ظلمه و الإستعباد المفروض على الشعب, ردة فعلي للموضوع يشوبها الإندهاش من حقارتهم و الشفقة على غباؤهم. لو بدك الصح, لتتقرب عالظالم لازم تتنازل عن حريتك و تقبظ العبودية بإيديك و تحضنها؟ لو تركو طموحهم شوي, و تخلو عن الطمع تبعهم, و فكرو بحالتهم و ايش الي بعملو, بكتشفو إنو العوام, الناس الغلابة إلي همه بحاولو يدعسو عليهم, و بعاملوهم أسوأ من العبيد أو المساجين, هظول الناس أحسن حظ منهم, و في نوع من الحرية مع إنو في سوء تعامل معهم.

المزارع أو الصنايعي بحالة العبودية لازم يعمل المطلوب منو, و بس. و لكن الخزات عند الظالم لازم يترجو و يطلبو خدمات منو, و الظالم بس يشوفهم هيك مش بس بطلب يعملوا الي بدو, لازم يعرفو كيف بفكر و يعرفو إيش حاب قبل ما يطلب أصلا ليلبو رغباته, مش بس بضطرو يطيعوه, لازم يلبو رغباته بكل النواحي, لازم يتحملو المشاق و العذاب و يموتو و همه بخدموه. رغبته لازم تصير رغبتهم, ذوقه يصير ذوقهم, لازم يتخلو عن طبيعتهم و يضلو معلقين على كل كلمة بقولها, نبرته, حركاته, تعبيراته: كل وظيفتهم بتكون تحقيق أمنياته و تفسير أفكاره. هل هاي الحياة سعيدة؟ ممكن ينقال إنها عيشة؟ هل هو اشي ممكن ينطاق؟ و مش بس ممكن ينطاق من زلمة شجاع أو زلمة محترم, بس من أي انسان عاقل, أو اي اشي بشبه الإنسان؟ هل في حياة أسوأ و اطقع من حياة بكون فيها كل ممتلكاتك و حريتك و راحتك و حياتك بتعتمد على شخص ثاني؟

 

بس الهدف من خزخزتهم هو الثروة. كأنو معقول تربح إشي أصلا من حقك, بس بما إنهم بقدروش حتى يعتبرو أنفسهم ملكية لأنفسهم, كأنو أي حدا ممكن يملك أي اشي تحت حكم الظالم! بدهم أشياء فارهة, بس ناسيين إنهم بعطو الظالم القوة إنو يوخذ كل إشي من كل الناس, و ولا حدا منهم بقدر يملك إشي فعليا. مفكرين إنو الأملاك لحالها بتخلي الواحد عبد عند الظالم, و بعينيه الغناء هو الجريمة الكبرى و حبه الوحيد للمصاري و مش رح يسمح لحدا يكون غني –و مع ذلك بروحولو و بقدمو حالهم للسفاح, و بقدمو حالهم و همه منصحين حالهم, ليشههو! و هظول الفاسدين لازم ينسو عن الي جمعو ثروتهم من الحاشية و يتذكرو الي جمعو المصاري شوي بعدين خسرو حياتهم و المصاري. لازم يفكرو مش بس أكم واحد قدر يلم قرشين, و لكن أكم واحد حافظ عليهم. بس شوف التاريخ, شوف إيش صار حتى بحياتك, و من الواضح إنو الناس الي قدرو يوصلو الظالم و يوقفو معاه و استغل لؤمهم و طمعهم, بالأخير دمرهم, و اكتشفو إنو السهولة الي قربوهم عليهم الملوك كانت نفس السهولة و السرعة الي تخلصو منهم فيها. و بدون  شك من بين كل الفاسدين الي كانو بصف الظالم اللئيم, بس عدد قليل ما تعبطو سوء عملهم, الأغلب الي زادو ثروتهم بالإساء للأخرين أعطو الملك الظالم القدرة على تدميرهم أنفسهم.

و بتصير مرات إنو ناس محترمين بعزهم الظالم, و بوصلو مرتبات عالية بنزاهتهم و فضيلتهم المشعة (و الي حتى الفاسدين بحترموها بس يشوفوها عن قرب), هظول الجماعة كمان ما بنجو من رفقة الظالم و زي أي حدا, مشاريعهم بتتوقف من الطاغية. خذ مثال سينيكا, بوروس و ثراسيا, ثلاثة محترمين: و لسوء حظهم, اثنين صارو من حاشية طاغية, الي احترمهم و عزهم و خلاهم مسؤولين عن أمور في البلد و خلا الثالث مسؤول عن تعليمه, دليل على مدى الصحبة بينهم. بس الموتة السيئة للأشخاص الثلاث هظول بتدل على إنك صعب جدا تأمن لرئيس شرير. و مزبوط, أنو صداقة متوقعها مع زلمة قاسي و حاقد على الناس مع إنهم ما عملو إشي غير إنهم خدموه, و الي عشنو مش عارف وين مصلحتو بفقر حاله و بدمر سلطته؟

و إذا بدك تقول إنو الناس تبهدلو عشنهم كانو محترمين مع الظالم, شوف كل الحاشية, و بتكتشف إنو الي وصلو لفوق عن طريق الفساد ما طولوش أكثر. مين سمع أو قرأ عن حب أقوى أو شغف أحر من حبه لبوبايا؟ بعدين سممها. و أمو أغريبينا, قتلت زوجها كلوديوس عشان يصير إمبراطور, و ما كانت تقصر و كانت تعمل كل إشي بطلع بإيدها عشانو, إبنها, فلذة كبدها, الزلمة الي تخلتلو عن الإمبراطورية كاملة خذلها مرات و مرات, و بالأخير قتلها. الكل كان يحكي إنو لازم تنقتل –بس من أي شخص عدا الشخص الي أنجبته. وين في حدا أتيس و أغبى و عشان أكون دقيق, أكمل بالهبل من الإمبراطور كلوديوس؟ مين كان معمية قمارو من بنت زي ما هو كان من ميسللينا؟ و بالأخير خلاها تنعدم. إذا الظلمة أغبياء, فذلك بأنو غباؤهم دائما بمنعهم من عمل الخير, أي شقفة عقل موجودة بروسهم بس بتشتغل فقط لما يكون في ظلم, و خصوصا ضد الناس ضمن حاشيتهم. الكل بعرف عن مقولة الظالم اللطيفة و هو بلمس رقبة مرته الي حبها أكثر إشي “هاي الرقبة الجميلة ستقطع يوما ما, إذا أعطيت الأمر” و عشان هيك الظالمين القدام كانو ينقتلو من أقرب ناس عليهم, عشنهم عارفين الصح و الطبيعة الحقيقية للظلم, عارفين إرادته أكثر من إنهم شاكين بقوته. و بالتالي, دوميتيان انقتل على إيدين ستيفانوس, كومودوس على إيدين إحدى عشيقاته, أنتونيوس على إيدين ماكرينوس – و نفس السولافة صارت مع الكل.

 

لا شك بأن الظالم لن يحبه أحد, و لن يحب أحد. الصداقة كلمة رائعة تصف أمرا مقدسا, الصداقة فقط توجد بين الأشخاص الجيدين, و توقد بالإحترام المتبادل. و لا تستمر بالمصالح و لكن بالحياة الجيدة. ما يعطيك الثقة في شخص كصديق هو معرفتك لنزاهته: المؤكد لك هو طبيعته الفاضلة, كونه موثوق به و عدم تلونه. أما عندما يوجد الظلم, الخيانة و اللؤم لا يمكن أن تجد الصداقة. الأشرار ليسو أصدقاء, هم متآمرون. لا يحظون باحترام متبادل بل بخوف متبادل: هم ليسو أصدقاء, هم فقط شركاء.

حتى لو ما خليت هالإشي بعين الإعتبار, صعب تكون صداقة مع ظالم عشنو فوق الكل, ما إلو قرين و بالتالي أبعد من حدود الصداقة, و التي تعتمد على المساواة: بدكاش علاقة عرجة. عشان هيك الحرامية واثقين ببعض لما يقسمو السرقة, كأقران همه ما بحبو بعض و لكن بخافو من بعض, و بدهمش يربو عداوات و يقللو من حسهم بالأمن. و لكن القراب على الظالم ما عندهم هالضمان, إذا كانو هم أنفسهم الي علمو إنو أقوى نوع, و فوق القانون و المحاسبة, و بقدر يعتبر إرادته هي مساوية للمنطق, و ملوش ند و الكل بالكل. لعاد من المحزن إنو مع كل هالأمثلة و الخطر بهالقرب ما علمهم من أخطاء غيرهم! كل هظول الجماعة الي بتقربو من الظالمين, و لا لقو واحد حكيم كفاية يحكيلهم قصة الثعلب و الأسد, لما الأسد كان عامل حالو مريض و بدو الثعلب يساعدو, و رد عليه الثعلب ” بشرفني أشق عليك بالعرين, بس أنا شايف أثار كثير ضيوف داخلين بس ولا أثر حدا طالع”

 

كل الناس هظول بنبهرو بذهب الظالم و بنلخمو من الأشعة حوليه, و إشي ببهر و بخليهم بدهم يقربو أكثر بدون ما يحسو إنهم رايحين على نار بتحرقهم. و زي قصة الساتير >مخلوق خيالي< لما شاف الضو للشعلة الي بروميثيوس اكتشفها, و من كثر ما جذبه راح يبوسو و انحرق منه, زي ما قال الشاعر التسكني.أو زي الفراشة بتدور على متعة و بتنجذب لجاذبية النار و لكن بس تقرب, بتحس بصفة ثانية للنار, و بتولع. و حتى لو افترضنا إنو هظول المشاطيب قدرو ينجو من الظالم, شو بصير بس ييجي إلي بعدو, إذا كان محترم بدو يحاسبهم و لازم يوكلو الي بستحقوه, و إذا زي الظالم إجا كمان ظالم, الأغلب يكون بفضل ناس ثانيين, و مش بس بوخدو مكاتبهم, و لكن أملاكهم و حتى حياتهم. هسا في حدا ضل مستعد يخدم رئيس شرير زي هيك, وظيفة بتضلك تتلمس و خايف  و بخطر و بدون أي ضمان  لشو ممكن يصير فيك؟ شو هالقلق, شو هالتضحية, يا رباه! الزلمة الي بتسعى ليل نهار عشان ترضيه هو أكثر واحد بتخاف منه, و دايما لازم تضل فاتح عينيك و أذنيك لتشوف الضربة, لتتفادى الأسافين الي بتندقلك, تعرف تعابير الناس إيش بتعني و  تحاول تكتشف مين الي بدو يقلب عليك, إنك تبتسم بوجه الكل و بنفس الوقت خايف منهم كلهم, ما يكون في عدو واضح بس ما إلك الصاحب, بابتسامة على وجهك بينما عقلك خافف, مش قادر تستمتع و بنفس الوقت بتسترجيش تحزن.

بس من المسلي نشوف إيش بكسبو من هالحياة الزفت و المشاكل الي حاطين حالهم فيها, و من وجودهم المثير للشفقة. الشعب هيك فورا ملاقي أشخاص يلوموهم على العذاب الي عايشينه, و الأشخاص الملومين مش الظالم و لكن الفاسدين الي حوليه. الشعب كامل بكل أطيافه بكونو مستعدين يراهنو مين أفسد من هالأكم اسم المعروفين, و ما بقصرو بالغلط عليهم و بألاف التطاعيم, ألاف المسبات و اللعائن. الأمة كلها بتدعو لسقوطهم, و بنلامو الفاسدين على كل اشي, كل مجاعة, كل شح بالمياه. ممكن مرات يبدو إنو الناس احترموهم, و لكن الحقد الدفين أكثر حرارة, و الناس بتخاف منهم أكثر من السباع. هاي الأبهة و الجاه الي بحصلو عليه الفاسدين من عملهم للمجتمع: لو إنو يتقطعو لشقف, يتفتفتو لدرجة إنو كل مواطن بطلعلو شقفة بضل الكل معتبر إنو قليل الي صار عليهم, و بدهم إشي مضاعف ليشفي غليل الشعب منهم. و مش بس هيك, بعد ما يموتو الفاسدين, الأجيال القادمة مش رح توقف من الكتابة عنهم, و تسود أسماؤهم بكتب التاريخ, و توقف فوق جثثهم و تعاقبهم حتى بعد ما ماتوا على حياتهم اللئيمة.

 

Étienne_de_La_Boétie_(1530-1563)

إذا, خلونا نتعلم نعيش بفضيلة, نرفع روسنا للسما, مشان حبنا و تقديرنا للفضيلة, أو الأصح, من فرط حبنا و تقديرنا لله العظيم, و هو الأكيد شاهد على كل أعمالنا و قاضي عادل لكل أخطائنا. أنا عن نفسي متأكد, و مش غلطان بهالفكرة (لأنو فش إشي مناقض للطبيعة المقدسة و الفضيلة لله أكثر من الظلم) إنو في مكان بجهنم خاص مخصوص للطغاة, و شركاؤهم, و عذاب مخصص فقط لهالفئة من الناس.